اشتراك المسيحي في الخدم الليتورجية، خصوصا تلك التي تقام في الأسبوع العظيم، يدل على الموقف الذي يتخذه المؤمن من خلال مشاركته الحية في قلب أحداث الأسبوع العظيم إذ يرافق السيد منذ إقامة لعازر وحتى القيامة. لذلك علينا نحن المؤمنون ان نقرر أن كنا نريد أن ندخل مع السيد المسيح إلى أورشليم حاملين علامات الظفر و مؤمنين بغلبته على الموت، أو أن نبقى خارجا؟ انرافقه حتى الصليب ونعيش الأحداث بتفاصيلها من خلال المشاركة الحية في خدم هذا الأسبوع العظيم ام نبقى بعيدا مع الذين طالبوا بصلبه؟ ان مواظبتنا على الصلاة في هذه الفترة تساعدنا ان نشعر أننا فعلا نمشي جنبا إلى جنب مع مخلصنا و فادينا، و عندها نعيش الأحداث و كأنها تجري الآن و ليس من حوالي ٢٠٠٠ سنة مضت.
من بعد استعداد المؤمن روحيا و جسديا خلال الصوم الأربعيني، يتحضر المؤمن مع بداية الأسبوع العظيم ليكمل المسيرة بدون خوف. فالعريس السماوي اتى ليبذل ذاته عن الكنيسة ، ليرجعنا جميعا إلى الخدر السماوي، و مفتاح هذا الملكوت هو الصليب.
لذلك تدعو الخدم الليتورجية المؤمن في هذا الأسبوع: ليحتمل الظلم و يحافظ على امانته و عفته مثل يوسف العفيف، ليكون مثمرا ذا أعمال رحمة مضيئة للآخرين مثل العذارى العاقلات، ليتوب و يهب حياته للرب مثل المرأة الزانية، و ليثبت حتى المنتهى مثل أيوب. بعدها يحصل المؤمن على مسحة الزيت المقدس نهار الأربعاء العظيم فيستعد روحيا لاستقبال الرب، إذ ينال غفران الخطايا، و يقف الخميس تحت أقدام الصليب مع مريم المجدلية و مريم ام يسوع. يعيش المؤمن الأحداث بتفاصيلها من خلال الاستماع للاناجيل الاثنا عشر. وهناك عند الصليب تبدا القيامة لحظة موت السيد، إذ ينشق حجاب الهيكل فتجتمع السماء بالأرض و تتفتح القبور و يقوم الموتى. اما في خدمة الجناز يوم الجمعة العظيم، يرش المؤمنون بالطيوب لأنهم جسد المسيح الحي، الكنيسة الحية، تماما كما سكبت حاملات الطيب الطيوب على جسد المخلص في القبر. و هكذا يصل المؤمن إلى سبت النور و قد عاش أسبوعا عظيما منتظرا القيامة العامة، منتظرا المسيح الذي نزل إلى الجحيم و حطمها و منح الخلاص للجميع، احياء و أموات. فترتل الخليقة صباح الاحد، خلال الهجمة و قداس الفصح: “المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ومنح الحياة للذين في القبور.”
من محاضرة ” شرح صلوات الأسبوع العظيم ” للمتقدم في الكهنة الأب فيليب سعيد








